فصل: ذكر نسبة وشيء من سيرته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز

وكان سبب ذلك أن عمر كتب إلى الوليد يخبره بعسف الحجاج أهل العراق واعتدائه عليهم وظلمه لهم بغير حق فبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى الوليد‏:‏ إن من عندي من المراق وأهل الشقاق قد جلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة وإن ذلك وهن‏.‏

فكتب إليه الوليد يستشيره فيمن يوليه المدينة ومكة فأشار عليه بخالد بن بد الله وعثمان بن حيان فولى خالدًا مكة وعثمان المدينة وعزل عمر عنهما‏.‏

فلما خرج عمر من المدينة قال‏:‏ إني أخاف أن أكون ممن نفته المدينة يعني بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تنفي خبثها‏.‏

وكان عزله في شعبان ولما قدم خالد مكة أخرج من بها من أهل العراق كرهًا وتهدد من أنزل عراقيًا أو أجره دارًا واشتد على أهل المدينة وعسفهم وجار فيهم ومنعهم من إنزال عراقي وكانوا أيام عمر بن عبد لعزيز كل من خاف الحجاج لجأ إلى مكة والمدينة‏.‏

وقيل‏:‏ إنما استعمل على المدينة عثمان بن حيان وقد تقدم سنة إحدى وتسعين ولاية خالد مكة في قول بعضهم‏.‏

  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سبسطية والمرزبانين وطرسوس‏.‏

وفيها غزا مروان بن الوليد فبلغ خنجرة‏.‏

وفيها غزا مسلمة الروم أيضًا ففتح ماسيسة وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية‏.‏

وفيها أجدب أهل إفريقية فاستسقى موسى بن نصير فسقوا‏.‏

وفيها كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز قبل أن يعزله يأمره بضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير ويصب على رأسه ماءً باردًا فضربه خمسين سوطًا وصب عليه ماءً باردًا في يوم شاتٍ ووقفه على باب المسجد فمات من يومه‏.‏

خبيب بضم الخاء المعجمة وبائين موحدتين بينهما ياء تحتها نقطتان‏.‏

وحج بالناس هذه السنة عبد العزيز بن الوليد‏.‏

وكان على الأمصار من تقدم ذكرهم إلا المدينة فإن عاملها عثمان بن حيان قدمها في شوال لليلتين بقيتا منه وقد تقدم ذكر ولاية خالد بن عبد الله مكة في سنة تسع وثمانين وفي سنة إحدى وتسعين قد ذكرنا أنه وليها هذه السنة‏.‏

وفيها مات أبو الشعثاء جابر بن زبد‏.‏

وألو العالية البراء واسمه زيدا بن فيروز وكان مولى لأعرابية من بني رياح وليس بأبي العالية الرياحي ذاك كان موته سنة تسعين‏.‏

وفيها مات بلال بن أبي الدرداء الأنصاري قاضي دمشق‏.‏

  ذكر قتل سعيد بن جبير

قيل‏:‏ وفي هذه السنة قتل سعيد بن جبير‏.‏

وكان سبب قتله خروجه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وكان الحجاج قد جعله على عطاء الجند حين وجه عبد الرحمن إلى رتبيل لقتاله فلما خلع عبد الرحمن الحجاج كان سعيد فيمن خلع فلما هزم عبد الرحمن ودخل بلاد رتبيل هرب سعيد إلى أصبهان فكتب الحجاج إلى عامل بأخذ سع فخرج العامل من ذلك‏.‏

فأرسل إلى سعيد يعرفه ذلك ويأمره بمفارقته فسار عنه فأتى أذربيجان فطال عليه القيام فاغتم بها فخرج إلى مكة فكان بها هو وأناس أمثاله يستخفون فلا يخبرون أحدًا أسماءهم‏.‏

فلما ولي خالد بن عبد الله مكة قيل لسعيد‏:‏ إنه رجل سوء فلو سرت عن مكة‏.‏

فقال والله لقد فررت حتى استحييت من الله وسيجيئني ما كتب الله لي‏.‏

فلما قدم خالد مكة كتب إليه الوليد بحمل أهل العراق إلى الحجاج فاخذ سعيد بن جبير ومجاهدًا وطلق بن حبيب فأرسلهم إليه فمات طلق بالطريق وحبس مجاهد حتى مات الحجاج‏.‏

وكان سيرهم مع حرسين فانطلق أحدهما لحاجة وبقي الآخر فقال لسعيد وقد استيقظ من نومه ليلًا‏:‏ يا سعيد إني أبرأ إلى الله من دمك إني رأيت في منامي فقيل لي‏:‏ ويلك‏!‏ تبرأ من دم سعيد بن جبير‏!‏ فاذهب حيث شئت فإني لا أطلبك‏.‏

فأبى سعيد فرأى ذلك الحرس مثل تلك الرؤيا ثلاثًا ويأذن لسعيد في الذهاب وهو لا يفعل‏.‏

فقدموا به الكوفة فانزل في داره وأتاه قراء الكوفة فجعل يحدثهم وهو يضحك وبنية له في حجره فلما نظرت إلى القيد في رجله بكت ثم أدخلوه على الحجاج فلما أتي به قال‏:‏ لعن الله ابن النصرانية‏!‏ يعني خالدًا وكان هو أرسله أما كنت أعرف مكانه بلى والله والبيت الذي هو فيه بمكة‏.‏

ثم أقبل عليه فقال‏:‏ يا سعيد ألم أشركك في إمامتي ألم أفعل ألم أستعملك قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ فما أخرجك علي قال‏:‏ إنما أنا امرؤ من المسلمين يخطئ مرة ويصيب مرة‏.‏

فطابت نفس الحجاج قم عاوده في شيء فقال‏:‏ إنما كانت بيعة في عنقي فغضب الحجاج وانتفخ وقال‏:‏ يا سعيد ألم أقدم مكة فقتلت ابن الزبير وأخذت بيعة أهلها وأخذت بيعتك لأمير المؤمنين عبد الملك قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتوفي بواحدة للحائك ابن الحائك والله لأقتلنك قال‏:‏ إني إذًا لسعد كما سمتني أمي‏.‏

فأمر به فضربت رقبته فبدر رأسه عليه كمة بيضاء لاطية فلما سقط رأسه هلل ثلاثًا افصح بمرة ولم يفصح بمرتين‏.‏

فلما قتل التبس عقل الحجاج فجعل يقول‏:‏ قيودنا قيودنا‏!‏ فظنوا أنه يرد القيود فقطعوا رجلي سعيد من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود وكان الحجاج إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه فيقول‏:‏ يا عدو الله فيم قتلتني فيقول‏:‏ مالي ولسعيد بن جبير‏!‏ مالي ولسعيد بن جبير‏!‏ ذكر غزوة الشاش وفرغانة في هذه السنة قطع قتيبة النهر وفرض على أهل بخارى وكش ونسف وخوارزم عشرين ألف مقاتل فساروا معه فوجههم إلى الشاش وتوجه هو إلى فرغانة فأتى خجندة فجمع له أهلها فلقوه فاقتتلوا مرارًا كل ذلك يكون الظفر للمسلمين‏.‏

ثم إن قتيبة أتى كاشان مدينة فرغانة وأتاه الجنود الذين وجههم إلى اشاش وقد فتحوها وأحرقوا أكثرها وانصرف إلى مرو وقال سحبان يذكر قتالهم بخجندة فقال‏:‏ فسل الفوارس في خجن دة تحت مرهقة العوالي هل كنت أجمعهم إذا هزموا وأقدم في القتال أم كنت أضرب هامةال عافي وأصبر للعوالي هذا وأنت قريع قي سٍ كلها ضخم النوال وفضلت قيسًا في الندى وأبوك في الحجج الخوالي تمت مروءتكم ونا غى عزكم غلب الجبال ذكر عدة حوادث في هذه السنة غزا العباس بن الوليد أرض الروم ففتح إنطاكية‏.‏

وفيها غزا عبد العزيز بن الوليد فبلغ غزالة وبلغ الوليد بن هشام المعيطي برج الحمام ويزيد بن أبي كبشة أرض سورية‏.‏

وفيها كانت الزلازل بالشام ودامت أربعين يومًا فخربت البلاد وكان عظم ذلك في إنطاكية‏.‏

وفيها افتتح القاسم بن محمد الثقفي أرض الهند‏.‏

وتوفي في هذه السنة علي بن الحسين في أولها‏.‏

ثم عروة بن الزبير‏.‏

ثم سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام‏.‏

واستقضى الوليد على الشام سليمان بن حبيب‏.‏

وحج بالناس مسلمة بن عبد الملك وقيل‏:‏ عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك وكان العامل بمكة خالد بن عبد الله وبالمدينة عثمان بن حيان وبمصر قرة بن شريك وبخراسان قتيبة من قبل الحجاج‏.‏

  ثم دخلت سنة خمس وتسعين

  ذكر غزوة الشاش

قيل‏:‏ وفي هذه السنة بعث الحجاج جيشًا من العراق إلى قتيبة فغزا بهم فلما كان بالشاش أو بكشماهان أتاه موت الحجاج في شوال منها فغمه ذلك وتمثل يقول‏:‏ لعمري لنعم المرء من آل جعفرٍ بحوران أمسى أعلقته الحبائل فإن نحي لي أملك حياتي وإن تمت فما في حياةٍ بعد موتك طائل ورجع إلى مرو وتفرق الناس فأتاه كتاب الوليد‏:‏ قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك واجتهادك في جهاد أعداء المسلمين وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الذي يجب لك فالمم مغازيك وانتظر ثواب ربك ولا تغب عن أمير المؤمنين كتبك حتى كأني أنظر إلى بلائك والثغر الذي أنت فيه‏.‏

  ذكر وفاة الحجاج بن يوسف

قيل‏:‏ إن عمر بن عبد العزيز ذكر عنده ظلم الحجاج وغيره من

ولاة الأمصار أيام الوليد بن عبد الملك فقال‏:‏ الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة اللهم قد امتلأت الدنيا ظلمًا وجورًا فأرح الناس‏!‏ فلم يمض غير قليل حتى توفي الحجاج وقرة بن شريك في شهر واحد ثم تبعهما الوليد وعزل عثمان وخالد واستجاب الله لعمر‏.‏

وما أشبه هذه القصة بقصة ابن عمر مع زياد بن أبيه حيث كتب إلى معاوية يقول له‏:‏ قد ضبطت العراق بشمالي ويميمني فارغة‏.‏

يعرض بإمارة الحجاز‏.‏

فقال ابن عمر لما بلغه ذلك‏:‏ اللهم أرحنا من يمين زياد وأرح أهل العراق من شماله‏.‏

فكان أول خبر جاءه موت زياد‏.‏

وكانت وفاة الحجاج في شوال سنة خمس وتسعين وقيل‏:‏ كانت وفاته لخمس بقين من شهر رمضان وله من العمر أربع وخمسون سنة وقيل‏:‏ ثلاث وخمسون سنة وكانت ولايته العراق عشرين سنة ولما حضرته الوفاة استخلف على الصلاة ابنه عبد الله بن الحجاج واستخلف على حرب الكوفة والبصرة يزيد بن أبي كبشة وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم فأقرهما الوليد بعد موته ولم يغير أحدًا من عمال الحجاج‏.‏

  ذكر نسبة وشيء من سيرته

هو الحجاج ين يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف أبو محمد الثقفي‏.‏

قال قتيبة بن مسلم‏:‏ خطبنا الحجاج فذكر القبر فما زال يقول‏:‏ إنه بيت الوحدة إنه بيت الغربة وبيت كذا وكذا حتى بكى وأبكى ثم قال‏:‏ سمعت أمرر المؤمنين عبد الملك يقول‏:‏ سمعت مروان يقول في خطبته‏:‏ خطبنا عثمان فقال في خطبته‏:‏ ما نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى قبر أو ذكره إلا بكى‏.‏

وقد روي أحاديث غير هذا عن ابن عباس وأنس‏.‏

وقال ابن عوف‏:‏ كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ عرفت أنه طالما درس القرآن‏.‏

وقال أبو عمرو بن العلاء‏:‏ ما رأيت أفصح من الحجاج ومن الحسن وكان الحسن أفصح‏.‏

وقال عبد الملك بن عمير‏:‏ قال الحجاج يومًا‏:‏ من كان له بلاء فليقم فنعطيه على بلائه‏.‏

فقام رجل فقال‏:‏ أعطني على بلائي‏.‏

قال‏:‏ وما بلاؤك قال‏:‏ قتلت الحسن‏.‏

قال‏:‏ فكيف قتلته قال‏:‏ دسرته بالرمح درسرًا وهبرته بالسيف هبرًا وما أشركت معي في قتله أحدًا‏.‏

قال‏:‏ فإنك لا تجتمع أنت وهو في مكان واحد‏.‏

وقال‏:‏ اخرج‏!‏ ولم يعطه شيئًا‏.‏

قيل‏:‏ كتب عبد الملك إلى الحجاج يأمره بقتل أسلم بن عبد البكري بشيء بلغه عنه فأحضره الحجاج وقال‏:‏ أمير المؤمنين غائب وأنت حاضر والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 6‏]‏‏.‏ الآية والذي بلغه عني باطل فاكتب إلى أمير المؤمنين أني أعول أربعًا وعشرين امرأة وهن بالباب فاحضرهن فهذه أمه وهذه عمته وزوجته وابنته وكان في آخر هن جارية قاربت عشر سنين‏.‏

فقال لها‏:‏ من أنت منه قالت ابنته أصلح الله الأمير‏!‏ ثم أنشأت تقول‏:‏ أحجاج لم تقبل به أن قتله ثمانًا وعشرًا واثنتين وأربعا أحجاج من هذا يقوم مقامه علينا فمهلًا إن تزدنا تضعضعا أحجاج إما أن تجود بنعمةٍ علينا وإما أن تقتلنا معا فبكى الحجاج وقال‏:‏ والله لا أعنت الدهر عليكن ولا زدتكن تضعضعًا وكتب إلى عبد الملك بخبر الرجل والجارية فكتب إليه عبد الملك‏:‏ إن كان الأمر كما ذكرت فأحسن صلته وتفقد الجارية‏.‏ ففعل‏.‏

وقال عاصم بن بهدلة‏:‏ سمعت الحجاج يقول‏:‏ اتقوا الله ما استطعتم هذا والله مثنوية واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرًا لأنفسكم ليس في مثنوية والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا حلت لي دماؤكم ولا أجد أحدًا يقرأ علي قراءة ابن أم عبد يعني ابن مسعود إلا ضربت عنقه ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير قد ذكر ذلك عند الأعمش‏.‏

فقال‏:‏ وأنا سمعته يقول‏:‏ فقلت في نفسي لأقرأنها على رغم أنفك‏.‏

قال الأوزاعي‏:‏ قال عمر بن عبد العزيز‏:‏ لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم‏.‏

قال منصور‏:‏ سألنا إبراهيم الشجاعي عن الحجاج فقال‏:‏ ألم يقل الله ‏{‏ألا لعنة الله على الظالمين‏}‏ ‏[‏هو‏:‏ 18‏]‏‏.‏ قال الشافعي‏:‏ بلغني أن عبد الملك بن مروان قال للحجاج‏:‏ ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه فعب نفسك ولا تخبأ منها شيئًا‏.‏

قال‏:‏ يا أمير المؤمنين أنا لجوج حقود‏.‏

فقال له عبد الملك‏:‏ إذًا بينك وبين إبليس نسب‏.‏

فقال‏:‏ إن الشيطان إذا رآني سالمني‏.‏

قال الحسن‏:‏ سمعت عليًا على المنبر يقول‏:‏ اللهم ائتمنتهم فخافوني ونصحتهم فغشوني اللهم فسلط عليهم غلام ثقيف يحكم في دمائهم وأموالهم بحكم الجاهلية‏!‏ فوصفه وهو يقول‏:‏ الزيال مفجر الأنهار يأكل خضرتها ويلبس فروتها‏.‏

قال الحسن‏:‏ هذه والله صفة الحجاج‏.‏

قال حبيب بن أبي ثابت‏:‏ قال علي لرجل‏:‏ لا تموت حتى تدرك فتى ثقيف‏.‏

قيل له‏:‏ يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف قال‏:‏ ليقالن له يوم القيامة اكفنا زاوية من زوايا جهنم رجل يملك عشرين أو بضعًا وعشرين سنة لا يدع الله معصية إلا ارتكبها حتى لو لم تبق إلا معصية واحدة وبينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها يقتل بمن أطاعه من عصاه‏.‏

وقيل‏:‏ أحصي من قتله الحجاج صبرًا فكانوا مائة ألف وعشرين ألفًا‏.‏

وقيل‏:‏ إن الحجاج مر بخالد بن يزيد بن معاوية وهو يخطر في مشيته فقال رجل لخالد‏:‏ من هذا قال خالد‏:‏ بخ بخ‏!‏ هذا عمرو بن العاص‏.‏

فسمعهما الحجاج فرجع وقال‏:‏ والله ما يسرني أن العاص ولدني ولكني ابن الأشياخ من ثقيف والعقائل من قريش وأنا الذي ضربت بسيفي هذا مائة ألف كلهم يشهد أن أباك كان يشرب الخمر ويضمر الكفر‏.‏

ثم ولى وهو يقول‏:‏ بخ بخ عمرو بن العاص‏!‏ فهو قد

  ذكر ما فعله محمد بن القاسم بعد موت الحجاج وقتله

لما مات الحجاج بن يوسف كان محمد بن القاسم بالملتان فأتاه خبر وفاته فرجع إلى الرور والبغرور وكان قد فتحهما فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشًا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة وسأله أهل سرشت وهي مغزى أهل البصرة وأهلها يقطعون في البحر ثم أتى محمد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم دوهر وهرب وقيل‏:‏ بل قتل ونزل أهل المدينة على حكم محمد فقتل وسبى قال الشاعر‏:‏

نحن قتلنا ذاهرًا ودوهرًا ** والخيل تردي منسرًا فمنسرا

ومات الوليد بن عبد الملك وولي سليمان بن عبد الملك فولى يويد بن أبي كبشة السكسكي السند فأخذ محمدًا وقيده وحمله إلى العراق فقال محمد متمثلًا‏:‏ أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوخمٍ كريهةٍ وسداد ثغر فبكى أهل السند على محمد فلما وصل إلى العراق حبسه صالح بن عبد الرحمن بواسط فقال‏:‏ فلئن ثويت باسطٍ وبأرضها رهن الحديد مكبلًا مغلولا فلرب قينة فارسٍ قد رعتها ولرب قرنٍ قد تركت قتيلًا ولو كنت أجمعت الفرار لوطئت إناث أعدت للوغى وذكور وما دخلت خيل السكاسك أرضنا ولا كان من عكٍ علي أمير وما كنت للعبد المزوني تابعًا فيا لك دهر بالكرام عثور فعذبه صالح في رجال من آل أبي عقيل حتى قتلهم وكان الحجاج قتل آدم أخا صالح وكان يرى رأي الخوارج وقال حمزة بن بيض الحنفي يرثي محمدًا‏:‏ إن المروءة والسماحة والندى لمحمد بن قاسم بن محمد ساس الجيوش لسبع عشرة حجةً ياقرب ذلك سؤددًا من مولد وقال آخر‏:‏ ساس الرجال لسبع عشرة حجةً ولداته إذ ذاك في أشغال ومات يزيد بن أبي كبشة بعد قدومه أرض السند بثمانية عشر يومًا واستعمل سليمان بن عبد الملك على السند حبيب بن المهلب فقدمها وقد رجع ملوك السند إلى ممالكهم ورجع جيشبه بن ذاهر إلى برهمناباذ فنزل حبيب على شاطئ مهران فأعطاه أهل الور الطاعة وحارب قومًا فظفر بهم‏.‏

ثم مات سليمان واستخلف عمر بن عبد العزيز فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام

والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم‏.‏

فأسلم جيشبه والملوك وتسموا بأسماء العرب‏.‏

وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل على ذلك الثغر فغزا بعض الهند فظفر‏.‏

ثم إن الجنيد بن عبد الرحمن ولي السن أيام هشام بن عبد الملك فأتى الجنيد شط مهران فمنعه جيشبه بن ذاهر العبور أرسل إليه‏:‏ إني قد أسلمت وولاني الرجل الصالح بلادي ولست آمنك‏.‏

فأعطاه رهنًا وأخذ منه رهنًا على خراج بلاده ثم ترادا وكفر جيشبه وحارب وقيل‏:‏ إنه لم يحارب ولكن الجنيد تجنى عليه فأتى الهند فجمع جموعًا وأعد السفن واستعد للحرب فسار إليه الجنيد بالسفن فالتقوا في بطيحة فأخذ جيشبه أسيرًا وقد جنحت سفينته فقتله الجنيد وهرب صصه بن ذاهر وهو يريد أن يمضي إلى العراق فيشكو غدر الجنيد فلم يزل الجنيد يؤنسه حتى وضع يده في يده فقتله‏.‏

وغزا الجنيد الكيرج وكانوا قد نقضوا فاتخذوا كبشًا وصك بها سور المدينة فثلمه ودخلها فقتل وسبى ووجه العمال إلى المرمذ والمندل ودهنج وبرونج‏.‏

وكان الجنيد يقول‏:‏ القتل في الجزع أكبر منه في الصبر‏.‏

ووجه جيشًا إلى أزين فأغاروا عليها وحرقوا ربضها وفتح البيلمان وحصل عنده سوى ما حمل أربعون ألف ألف وحمل مقلها وولى الجنيد تميم بن زيد القيني فضعف وفي أيامه خرج المسلمون عن بلاد الهند ورفضوا مراكزهم ثم ولي الحكم بن عوام الملبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة فبنى مدينةً سماها المحفوظة وجعلها مأوى للمسلمين وكان معه عمرو بن محمد بن القاسم وكان يفوض إليه عظيم الأمور فأغزاه من المحفوظة فلما قدم عليه وقد ظفر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة فهي التي نزلها الأمراء واستخلص ما كان قد غلب عليه العدو ورضي الناس بولايته وكان خالد القسري يقول‏:‏ واعجبا‏!‏ وليت فتى العرب يعني تميمًا فرفض وترك ووليت أبخل العرب فرضي به‏.‏

ثم قتل الحكم وكان العمال يقتلون العدو فكانوا يفتتحون ناحيةً ويأخذون ما تيسر لهم لضعف الدولة الأموية بعد ذلك إلى أن جاءت الدولة المباركة العباسية ونحن نذكر إن ساء الله أيام المأمون بقية أخبار السند‏.‏

  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح هرقلة وغيرها‏.‏

وفيها فتح آخر الهند إلا الكيرج والمندل‏.‏

وفي هذه السنة افتتح العباس بن الوليد قنسرين‏.‏

وفيها قتل الوضاحي بأرض الروم ونحو ألف رجل معه‏.‏

وفيها ولد المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس‏.‏

وفيها مات أبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل وكان عمره مائة وثلاثين سنة وقيل في موته غير ذلك‏.‏

وفيها مات سعد بن أياس أبو عمرو الشيباني وله مائة وعشرون سنة‏.‏

وفي إمارة الحجاج مات سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفي هذه السنة مات سالم بن أبي الجعد‏.‏

وفيها مات جعفر بن عمرو بن أمية الضمري وهو أخو عبد الله بن مروان من الرضاعة‏.‏

وفي إمارة الحجاج قتل أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي قتله الخوارج‏.‏

  ثم دخلت سنة ست وتسعين

  ذكر فتح قتيبة مدينة كاشغر

وفي هذه السنة غزا قتيبة كاشغر فسار وحمل مع الناس عيالاتهم ليضعهم بسمرقند فلما عبر النهر استعمل رجلًا على معبر النهر ليمنع من يرجع إلا بجواز منه ومضى إلى فرغانة وأرسل إلى شعب عصامٍ من يسهل الطريق إلى كاشغر وهي أدنى مدائن الصين وبعث جيشًا مع كبير بن فلان إلى كاشغر فغنم وسبى سبيًا فختم أعناقهم وأوغل حتى بلغ قريب لصين‏.‏

فكتب إليه ملك الصين‏:‏ أن أبعث إلي رجلًا شريفًا يخبرني عنكم وعن دينكم‏.‏

فانتخب قتيبة عشرةً لهم جمال وألسن وبأس وعقل وصلاح فأمر لهم بعدة حسنة ومتاع حسن من لخز والوشي وغير ذلك وخيول حسنة وكان منهم هبيرة بن مشمرج الكلابي فقال لهم‏:‏ إذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت أني لا أنصرف حتى أطأ بلادهم وأختم ملوكهم وأجب خراجهم‏.‏

فساروا وعليهم هبيرة فلما قدموا عليهم دعاهم ملك الصين فلبسوا ثيابًا ببياضًا تحتها الغلائل وتطيبوا ولبسوا النعال والأردية ودخلوا عليه وعنده عظماء قومه فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد ممن عنده فنهضوا‏.‏

فقال الملك لمن حضره‏:‏ كيف رأيتم هؤلاء فقالوا‏:‏ رأينا قومًا ما هم إلا نساء ما بقي منا أحد إلا انتشر ما عنده‏.‏

فلما كان الغد دعاهم فلبسوا الوشي والعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه فلما دخلوا قيل لهم‏:‏ ارجعوا وقال لأصحابه‏:‏ كيف رأيتم هذه الهيئة قالوا‏:‏ هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك‏.‏

فلما كان اليوم الثالث دعاهم فشدوا سلاحهم ولبسوا البيض والمغافر وأخذوا السيوف والرماح والقسي وركبوا‏.‏

فنظر إليهم ملك الصين فرأى مثل الجبل فلما دنوا ركزوا رماحهم وأقبلوا مشمرين فقيل لهم‏:‏ ارجعوا‏:‏ فركبوا خيولهم وأخذوا رماحهم ودفعوا خيلهم كأنهم يتطاردون‏.‏

فقال الملك لأصحابه‏:‏ كيف ترونهم قالوا‏:‏ ما رأينا مثل هؤلاء‏.‏

فلما أمس بعث إليهم‏:‏ أن أبعثوا إلي زعيمكم‏.‏

فبعثوا إليه هبيرة ابن مشمرج فقال له‏:‏ قد رأيتم عظيم ملكي وأنه ليس أحد منعكم مني وأنتم في يدي بمنزلة البيضة في كفي وإني سائلكم عن أمر فإن لم تصدقوني قتلتكم‏.‏

قال‏:‏ سل‏.‏

قال‏:‏ لم صنعتم بزيكم الأول اليوم الأول والثاني والثالث ما صنعتم قال أما زينا اليوم الأول فلباسنا في أهلنا وأما اليوم الثاني والثالث ما صنعتم قال أما زينا اليوم الأول فلباسنا في أهلنا وأما اليوم الثاني فزينا إذا منا أمراءنا وأما الثالث فزينا لعدونا‏.‏

قال‏:‏ ما أحسن مادبرتم دهركم فقولوا لصاحبكم ينصرف فإني قد عرفت قلة أصحابه وإلا بعثت إليكم من يهلككم‏.‏

قال‏:‏ كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالًا إذا حضرت فأكرمها القتل ولسنا نكرهه أو نخافه وقد حلف أن لاينصرف حتى يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويعطى الجزية‏.‏

فقال‏:‏ فإنا نخرجه من يمينه ونبعث تراب أرضنا ونبعث إليه ببعض أبنائنا فيختمهم ونبعث إليه بجزية يرضاها‏.‏

فبعث إليه بهدية وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ثم أجازهم فأحسن فقدموا على قتيبة فقبل قتيبة الجزية وختم الغلمان وردهم ووطئ التراب‏.‏

قال سوادة بن عبد الملك السولي‏:‏ لاعيب في الوفد الذين بعثتهم للصين إن سلكوا طريق المنهج أدى رسالتك التي استرعيته فأتاك من حنث اليمين بمخرج فأوفد قتيبة هبيرة إلى الوليد فمات بقرية من فارس فرثاه سوادة فقال‏:‏ لله در هبيرة بن مسمرج ماذا تضمن من ندى وجمال وبديهة تعنى بها أبناؤها عند احتفال مشاهد الأقوال كان الربيع إذا السنون تتابعت والليث عند تكعكع الأبطال فسقى بقرية حيث أمسى قبره غر يرحن بمسبلٍ هطال لكت الجياد الصافنات لفقده وبكاه كل مثقفٍ عسال وبكته شعث لم يجدن مواسيًا في العام ذي السنوات والإمحال ووصل الخبر إلى قتيبة في هذه الغزاة بموت الوليد‏.‏وكان قتيبة إذا رجع من غزاته كل سنة اشترى اثني عشر فرسًا واثني عسر هجينًا فتحدر إلى وقت الغزو فإذا تأهب للغزو ضمرها وحمل عليها الطلائع وكان يجعل الطلائع فرسان الناس وأشرافهم ومعهم من العجم من يستصحه وإذا بعث طليعة أمر بلوحٍ فنقش ثم شقه بنصفين وجعل شقةً عنده ويعطي نصفه الطليعة ويأمرهم أن يدفنوه في موضع يصفه لهم من شجرة أو مخاضة أو غيرهما ثم يبعث بعد الطليعة من يستخرجه ليعلم أصدقت الطليعة أولا‏.‏

  ذكر موت الوليد بن عبد الملك

وفي النصف من جمادى الآخرة من هذه السنة مات الوليد بن عبد الملك في قول جميعهم وكانت خلافته تسع سنين وسبعة أشهر وقيل‏:‏ تسع سنين وثمانية أشهر وقيل‏:‏ وأحد عشر شهرًا وكانت وفاته بدير مران ودفن خارج الباب الصغير وصلى عليه عمر بن عبد العزيز وكان عمره اثنتين وأربعين سنة وستة أشهر وقيل‏:‏ كان عمره خمسًا وأربعين سنة وقيل‏:‏ ستًا وأربعين سنة وأشهرًا وقيل‏:‏ تسعًا وأربعين‏.‏

وخلف تسعة عشر ابنًا وكان دميمًا بتبختر في مشيته وكان سائل الأنف جدًا فقيل فيه‏:‏ فقدت الوليد وأنفًا له كثل الفصيل بدا أن يبولا ولما دلي في جنازته جمعت ركبتاه إلى عنقه فقال ابنه‏:‏ أعاش أبي فقال له عمر بن عبد العزيز وكان فيمن دفنه‏:‏ عوجل والله أبوك‏!‏ واتعظ به عمر‏.‏

  ذكر بعض سيرة الوليد

وكان الوليد عند أهل الشام من افضل خلائفهم بنى المساجد مسجد دمشق ومسجد الميدينة على ساكنها السلام والمسجد الأقصى ووضع المنائر وأعطى المجذمين ومنعهم من سؤال الناس وأعطى كل مقعد خادمًا وكل ضرير قائدًا وفتح في ولايته فتوحًا عظامًا منها‏:‏ الأندلس وكاشغر والهند‏.‏

وكان يمر بالبقال فيقف عليه ويأخذ منه حزمة بقل فيقول‏:‏ بكم هذه فيقول‏:‏ بفلس‏.‏

فيقول‏:‏ زد فيها‏.‏

وكان صاحبن بنا واتخاذ المصانع والضياع وكان الناس يلتقون في زمانه فيسأل بعضهم بعضًا عن البناء وكان سليمان صاحب طعام ونكاح فكان الناس يسأل بعضهم بعضًا عن النكاح والطعام وكان عمر بن عبد العزيز صاحب عبادة وكان الناس يسأل بعضًا عن الخير ما وردك الليلة وكم تحفظ من القرآن وكم تصوم من الشهر ومرض الوليد مرضة قبل وفاته وأغمي عليه فبقي يومه ذلك كأنه ميت فبكوا عليه وسارت البرد بموته فاسترجع الحجاج وشد في يده حبلًا إلى أسطوانة وقال‏:‏ اللهم لا تسلط علي من لا رحمة له فقد طال ما سألتك أن تجعل منيتي قبله‏!‏ فإنه كذلك يدعو إذ قدم عليه البريد بإفاقته‏.‏

ولما أفاق الوليد قال‏:‏ ما أحد أشد سرورًا بعافيتي من الحجاج ثم لم يمت حتى قفل الحجاج عليه‏.‏

وكان الوليد أراد أن يخلع أخاه سليمان ويبايع لولده عبد العزيز فأبى سليمان فكتب إلى عماله ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه إلا الحجاج وقتيبة وخواص من الناس فكتب الوليد إلى سليمان يأمره بالقدوم عليه فأبطأ فعزم الوليد على المسير إليه ليخلعه وأخرج خيتمة فمات قبل أن يسير إليه‏.‏

ولما أراد أن يبني مسجد دمشق كان فيه كنيسة فهدمها وبناها مسجدًا فلما ولي عمر بن عبد العزيز شكوا إليه ذلك فقال لهم عمر‏:‏ إن ما كان خارج المدينة فتح عنوةً ونحن نرد عليكم كنيستكم ونهدم كنيسة توما فإنها فتحت عنوةً ونبنيها مسجدًا‏.‏

فقالوا‏:‏ بل ندع لكم هذا ودعوا كنيسة توما‏.‏

وكان الوليد لحانًا لا يحسن النحو دخل عليه أعرابي فمت إليه بصهر بينه وبين قرابته فقال له الوليد‏:‏ من ختنك بفتح النون وظن الأعرابي أنه يريد الختان فقال‏:‏ بعض الأطباء‏.‏

فقال له سليمان‏:‏ إنما يريد أمير المؤمنين من ختنك وضم النون‏.‏

فقال الأعرابي‏:‏ نعم فلان وذكر ختنه‏.‏

وعاتبه أبوه على ذلك وقال‏:‏ إنه لا يلي العرب إلا من يحسن كلامهم‏.‏

فجمع أهل النحو ودخل بيتًا فلم يخرج منه ستة أشهر ثم خرج وهو أجهل منه يوم دخل‏.‏

فقال عبد الملك‏:‏ قد أعذر‏.‏

فقيل‏:‏ إنه لما ولي الخلافة يختم القرآن في كل ثلاث وكان يقرأ في رمضان كل يوم ختمة وخطب يومًا فقال‏:‏ يا ليتها كانت القاضية وضم التاء فقال عمر بن عبد العزيز‏:‏ عليك وأراحتنا منك‏.‏

وفي هذه السنة بويع سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي توفي فيه الوليد وهو بالرملة‏.‏

وفيها عزل سليمان بن عبد الملك عثمان بن حيان عن المدينة لسبع بقين من رمضان واستعمل عليها أبا بكر بن محمد بن حزم وكان عثمان قد عزم على أن يجلد أبا بكر ويحلق لحيته من الغد فلما كان الليل جاء البريد إلى أبي بكر بتأميره وعزل عثمان وحده وأن يقيده‏.‏

وفيها عزل سليمان يزيد بن أبي مسلم عن العراق واستعمل يزيد بن المهلب وجعل صالح بن عبد الرحمن على الخراج وأمره بقتل بني عقيل وبسط العذاب عليهم وهم أهل الحجاج فكان يعذبهم ويلي عذابهم عبد الملك بن المهلب وكان يزيد بن المهلب قد استعمل أخاه زيادًا على حرب عثمان‏.‏